الجمعة، 19 فبراير 2016

"أن تغادر الظل حياً".. اليوم الـ 14: والخوف في قلبي لما زاد قواني


لأصالة.. الآن فقط أعلم كيف يحفر الأذى وجعه على الصوت
           فاغفري لي عدم التفهم  لعربك الجريحة سابقاً
-------------------------------------------------------------------


العزيزة ياسمين مدكور :

الآن حانت اللحظة، وجاء موعد البوح والغناء والكثير من الامتنان  .
الآن أخط وجعي ، أستدعي ومضات الذاكرة المرة .. وأطالب الحزن بالمكوث.
فأنا الآن "حقاً" أفهم.
كنت شاهد وطوق نجاة، كنبتة خضراء تنمو على ما تبقى من رطوبة القلب الاسفنجي، كرائحة الياسمين التى صاحبتني بعد النجاة.
كعلامة على السكة شهدتي النهاية، والآن أقص عليكي البداية وما تلاها .

                       "علي شكل واحدة قلبها مجروح"

23 عاماً من الدوائر المغلقة ، نعومة أظافر تخشنها الصراعات ، كسور متناهية الصغر منزلية الصنع.
5 أعوام أخيرة من القهر الخالص ، دماء وفقد وظهر عاري للجلاد.

لكن الرأس مرفوعة دوماً ، والرابح هو من يظل واقفاً للنهاية.

                "كل اللي جاي.. جاي بوجع، ياخد مكانه فرحها ويروح"
كشجرة تنمو جذورها للداخل كنت، لبيت النداء ووهبت الظل  والمأوى، عسى يرد لي بالمثل، لكن الوحش تدثربجناحي اليمام، و حط على أفرعي .

         "أسرار في قلبي لا تتكتم.. ولا تتحكي.. ولا يفهموها الناس"
عام.. 12 شهرا.. 48أسبوعاً.. 365 يوما
عاما من الوهم
12 شهراً من الصمت
48أسبوعاً من الاستغلال
و 365 يوماً من الأذى


كقشة أخيرة قصمت الظهر، وأقنعت الرابح بالبقاء وحيداً كان.

مصاص دماء يختفي خلف ضحكة ساخرة ونظرة حنونة وأيادي خائنة وعيون مغتصبة .

أبتلع الغصة وراء أختها، اهرب مرة و يعيدني مرات.

كقناص يطارد غزالة عرجاء كان، وكحمل سكن لحب الوحش كنت.

دقات قلبي المتدفقة بالحب في البدايات، البدايات العديدة، فكل لمسة أذى تدفعني للهروب، كان يتبعها ببداية وردية حانية جديدة، وتتكرر المأساة. حتى صرت أخاف نبض قلبي الذي يرجف لمرآه.

ضحكات كاذبة كثيرة  تصنعتها كلما كان بجواري وسجلت الكاميرا اللحظة، حتى وددت لو أحرقت كل نيجاتيف العالم ، ومنعت الزمن من التجمد في لقطة تذكرني بقيدي الناعم في شبكته.

دموعي جفت بعيوني ، كنت أسقط ساجدة أسأل الله الخلاص، مهما كان الوجع.

حتى أستجابت السماء ورأت عيوني المغشية بحبه خيانتي على قارعة الطريق،وبجوار المنزل الذي وعدني فيه بأطفال و ونس لأيامي القادمة.

"شر الحليم مش من مافيش.. وهعيش لمين لو مش هعيش علشاني"
وهبته مزية الشك مرات ومرات، لكن الخيانات لا تغتفر يا عزيزة. استجمعت كل ما تبقى مني ورحلت، حتى نافست Gone Girl على دقة الاختفاء.

كنت التاسعة وقبل الأخيرة على مقياس ضحاياه، لكني الأولى في كشف زيفه وروحه المشوهة.

حتى قلت له يوم أن كشر عن أنيابه " بصلي كويس عشان دي آخر مرة هتشوفني فيها" ، مزيفة آخر ابتسامتي الكاذبة، ومتعجبة من جرأته على خداع فتاة ، كان يتقرب إليها بحل الألغاز والبازل وإكمال كلمات الأغاني والقصائد التي كتبت قبل ولادتها بأعوام.

                "مش كل ماضي بنعشقه.. في ماضي لازم يتنسي ويتداس"
الخروج من شباك العناكب ليست مهارة ندرسها في الفصل، بل تطبيق لاستراتيجيات حروب الشوارع وبطولات الشطرنج .

لكني عاهدت ربي ونفسي ألا يجرني الوحش لأرضه ثانية، فتركته يطلق كلابه ويحوم بنفسه ويدق مسامير نعش فضحه، وفضلت الغناء.

لست خاسرة طيبة ومطيعة يا ياسمين، يملؤني الغضب كلما رأيت رصيدي من " الشجرة والقمرة وناس المشوار" ينفذ.

ضريبة الحرية تفوق قدراتي أحياناً، لكني لست نادمة أبداً.و أسأل الله ان يرزقني " عبداً يحبهم ويحبونه" ويعوضني الجرح ويقتص لدموعي ومالي وحلمي .

دمت نبتة خضراء 
دمت ياسمينة عطرة


زينب فرحات
شبرا

20-2-2016